بقلم: ياسين بوغازي
أغرب ما قرأت بعد تفشي وباء كورنا ، أن أحدهم ، وليس إلا طبيبا عالما من خبراء بحث وبائي يترصدونه مخبريا ، أنه قال واصفا الفيروس المثير للجدل ، بأنه أجمل ما رأت عيناه تحت مجاهر مخبره ، طوال مشواره العلمي كله ، بل لقد قال ، جميل جدا جدا !
بعدها أخذني وصفه إلى خيالات أخرى ؟ ربما ذات علاقات بما يبثه فيروسا جميلا من بشاعات ورعب في مدن ودول ، وقد أفسد كثيرا من يوميات الناس هنالك بمشارق الأرض ومغاربها ، فعطل مشاريع وآخر لقاءات وحاصر مستضعفين في بيوتهم ودورهم ، وداخل أشباه مستشفيات أنشئت عل عجل لاحتضان القاتل الفيروسي الجميل .
الغريب العجيب أن توصيفات متشابه توالت عبر مواقع تواصل شهيرة مختصة ، توالت بأن فيروس قاتل لكنه بهي في شكله ، زاخر في ألوانه ، متبختر في تحرك ببيئته الوبائية ، وأنه بهذه المقاسات الجميلة يظهر تحت أعين علماء ، وكأنه ملاك ، لكنه ملاك قاتل !
ففي واقع ما يتركه حين مروره بخطوط مناعية دفاعية ، ليس إلا أثر من مما يتركه مرور القتلة ،فلا رحمة معه ،ولا عفران لديه ، سوى انه يترصد ويترصد الأصحاء لأجل أن يقعدهم ضمن معاناة تحت طوائل عدوى سريعة الانتشار ، عدوى قد يحملونها إلى ذويهم وأقاربهم ومن يحبون ؟
إنه ملاك قاتل بمقاسات باطنية، وإنه ملاك قاتل بمقاسات ظاهرية ! وقاتل بأتم معنى بسيكولوجيات وفرمولوجيات القتلة ، طبعا باختلاف الفعل ما بين الانساني و الفيروسي في إدراك طبيعة القتل ، إنه محترف فلا يتراجع قيد أنملة في طريق أهدافه وما يبثه من رعب .
أغرب ما قرأت أنه جميل جدا ، وأنه ليس حديث ظهورِ في عوالم الأوبئة ، بل يكاد يكون مصنفا ومعروفا منذ أواخر 1930 ، وفقط غير دفاعاته وتقنياته و أساليبه الهجومية مؤخرا ؟ فعاد يسمي فيروسا متجددا من عائلة كورنا التي لا ترحم سقام نفوس كبار السن وذوي أمراض مستعصية ! لأنه كما غدا معروفا فهو مثلا لا يهاجم صغار من مراهقين وشباب ؟ فقط يتربص بغنائمه بالطاعنين في أعمارهم وقد ألمت بهم أمراض متعددة أشكالها وألوانها بفعل السنون ،إلى أن ظهر الملاك القاتل تجددا بجمالٍ شكله لكن أثره مدمرا فعبث بمدن ودول ، إلى أن يشاء المولى أمره وكان مكنونا .